1. ساجده لله

    ساجده لله New Member

    رواية مخلب القرد ، رواية مسلية ، الجزء الثالث 2025
    رواية مخلب القرد ، رواية مسلية ، الجزء الثالث 2025
    رواية مخلب القرد ، رواية مسلية ، الجزء الثالث 2025

    النهارده هكمل معاكو روايه مخلب القرد المسليه والمضحكه عشان اولادكو يلا بينا نشوف اخر جزء منها

    في المقبرة الضخمة الجديدة على بعد ميلين ، دفنت العائلة المكلومة فقيدها ، و عادا إلى بيت يلفه الصمت و الظلال . تم كل شيء بسرعة بالغة حتى أنهما لم يستطيعا استيعاب ما حدث ، و ظلا في انتظار أن يحدث شيء جديد .. شيء يخفف الحمل القاسي على القلبين العجوزين .
    لكن الأيام مرت ، و حل اليأس محل التوقع ، اليأس الذي يطلق عليه أحياناً بطريق الخطأ : الفتور . أحياناً كانا يتبادلان الكلمات بصعوبة ، و الآن لم يعد لديهما ما يتحدثان عنه .. كانت أيامهم طويلة لحد الإرهاق .
    بعد أسبوع تقريباً استيقظ الرجل فجأة في منتصف الليل ، و مد يده متحسساً ليجد نفسه وحيداً في السرير . كان صوت البكاء الخافت قادم من جانب النافذة ، فرفع نفسه في السرير و استمع ..
    - " أغلقي النافذة " قال بلطف " ستصابين بالبرد "
    - " البرد أشد عليه " قالت المرأة ، و بكت من جديد .
    تلاشى صوت بكائها من أذنه مرة أخرى . كان السرير دافئاً و عينيه مثقلة بالنعاس ، فنام بشكلٍ متقطع حتى استيقظ على صرخة متوحشة من زوجته .
    - المخلب ! " صرخت " مخلب القرد ! " .
    - " أين ؟ أين هو ؟ " قال بقلق .
    تقدمت نحوه بخطوات مرتعشة " أريده " قالت بخفوت " أنت لم تدمره ، أليس كذلك ؟ "
    - " إنه في نفس المكان الذي تركناه فيه " قال بتعجب " لم ؟ "
    ضحكت و بكت في نفس الوقت ، و مالت نحوه لتقبله ، ثم بدأت تتحدث بهستيريا ..
    - " لم أفكر به سوى الآن .. لِمَ لَم أفكر به من قبل ؟ لماذا لم تفكر به أنت ؟ "
    - " أفكر في ماذا ؟ " تساءل
    - " الأمنيتان الباقيتان " ردت بسرعة " لقد تمنينا مرة واحدة فقط "
    - " ألم يكن هذا كافياً ؟ " قال بوحشية
    - " لا " صرخت " سنتمنى مرة أخرى . اذهب و أحضره بسرعة ، و تمن أن يعود ابني حياً "
    اعتدل الرجل في الفراش ، و قذف الغطاء من على أطرافه المرتجفة " يا إلهي ، لقد جننت " قال مذهولاً .
    - " أحضره " قالت لاهثة " أحضره بسرعة و تمن .. آه ، ولدي .. ولدي ! "
    أشعل الرجل ثقاباً ، و أضاء به شمعة " عودي للفراش " قال في غير ثبات " أنت لا تعرفين ما تقولين "
    - " لقد تحققت أمنيتنا الأولى " قالت المرأة كالمحمومة " لم لا تتحقق الثانية ؟"
    - " مصادفة " رد بارتباك
    - " اذهب و أحضره و تمنى أن يعود هربرت " صرخت المرأة و هي ترتعش من البكاء .
    استدار الرجل و نظر إليها ، و قال بصوت مرتعش " لقد مات منذ عشرة أيام ، بالإضافة لأنه .. لم أرد إخبارك ، لكن .. لقد تعرفت عليه من ملابسه . إذا كنت لم تقدري على رؤيته بهذا الشكل ، فكيف الآن ؟ "
    - " أعده " صرخت المرأة و جرته نحو الباب " هل تظن أنني سأخاف من الطفل الذي مرّضته ؟"
    هبط في الظلام ، و تحسس طريقه لغرفة الضيوف ، و من ثم إلى الرف . كان المخلب في مكانه ، و خالجه خوف من الأمنية غير المنطوقة التي ستعيد ابنه المشوه قبل أن يترك الحجرة ، و التقط أنفاسه عندما شعر أنه فقد الإحساس باتجاه الباب . غمر العرق جبينه بينما يتحسس طريقه عبر المائدة ، و يتلمس الحائط حتى وجد نفسه في الممر الصغير باللعنة الصغيرة في يده .
    حتى وجه زوجته بدا متغيراً بينما يخطو إلى الحجرة . كان وجهها شاحباً و متطلعاً ، و بدا له أن هناك شيء غير طبيعي بشأنها . كان خائفاً منها .
    - " تمن " صرخت بقوة .
    - " هذه حماقة .. ليس هذا صحيحاً " قال متداعياً ..
    - " تمن " كررت الزوجة .
    - " أتمنى أن يعود ابني حياً " قالها رافعاً يده بالشيء .
    سقط المخلب على الأرض ، و رمقه الرجل بنظرة مرتعبة . ثم تداعى مرتجفاً على مقعده بينما مشت المرأة و عيناها تلمعان إلى النافذة لترفع الشيش . جلس حتى شعر بالبرد يحيط به ، محدقاً بين الحين و الآخر نحو شكل الزوجة المتطلعة من النافذة . انتهت الشمعة التي احترقت حتى نهايتها ملقية ظلالها النابضة الأخيرة على الجدران ، ثم التمعت لمعة أخيرة قوية ، و انطفأت بعدها تماماً . شعر الرجل براحة خفية لفشل التعويذة ، و دلف للفراش ، و بعد دقيقة أو اثنان انسلت زوجته بجانبه بفتور صامت .
    غرقا في صوت الساعة الرتيب ، و لم ينطق أحدهما بحرف . ثم أحدثت درجات السلم صريراً ، و انسل فأر مزعج عبر السور . كان الظلام عميقاً ، و بعد الاستلقاء لمدة ، استجمع الزوج شجاعته ، و أخرج عود ثقاب من العلبة و أشعله ، ثم هبط السلم لإحضار شمعة .
    في نهاية السلم انتهى الثقاب ، فتوقف ليشعل آخر ، و في نفس اللحظة تناهى لسمعه صوت طرقة خافتة لا تكاد تسمع على الباب الرئيسي .
    سقطت العلبة من يده ، و تجمد في مكانه صامتاً حتى دوت الطرقة من جديد . هرع صاعداً السلم حتى وصل حجرته ، فأغلق الباب خلفه ، ثم دوت طرقة ثالثة عبر البيت .
    - " ما هذا " صاحت الزوجة و انتصبت واقفة .
    - " فأر " قال الرجل في صوت مرتعش " فأر مر أمامي على درجات السلم "
    جلست الزوجة في فراشها منصتة ، و دوت طرقة عالية عبر جدران البيت .
    - " إنه ابني " صرخت " إنه ( هربرت ) "
    ركضت نحو الباب ، لكن زوجها لحق بها و أمسكها بذراعيه مطوقاً إياها بإحكام .
    - " ماذا ستفعلين أيتها الحمقاء " همس في أذنها .
    - " إنه ولدي .. إنه ( هربرت ) " صاحت مقاومة إياه " نسيت أنه على بعد ميلين .. لماذا تعوقني ؟ دعني .. يجب أن أفتح الباب "
    - " بحق السماء لا تدخليه " صاح الرجل بصوتٍ مرتعش
    - "أتخشى ابنك ؟ " صاحت مجاهدة للتحرر منه " دعني .. أنا قادمة يا ( هربرت ) .. أنا قادمة "
    دوت طرقة أخرى ، و أخرى . تحررت المرأة أخيراً بالتواءة مفاجئة ، و هرعت عبر الحجرة . لاحقها الزوج حتى الباب منادياً عليها بينما تهرع عبر السلم . سمع جلجلة السلسلة ، و المزلاج السفلي يسحب ببطء نحو النهاية . ثم دوى صوتها متوتراً و لاهثاً .
    - " المزلاج " صاحت بصوتٍ عال " تعال ، لا أستطيع الوصول إليه "
    لكن زوجها كان منحنياً على يديه و ركبتيه يبحث بوحشية عن المخلب . فقط لو يجده قبل أن يدخل الشيء بالخارج إلى البيت . تردد وابل من الطرقات في أرجاء البيت ، و سمع صوت مقعد يجر بينما زوجته تضع المقعد أمام الباب . سمع صوت المزلاج يقترب من نهايته ، و في نفس اللحظة وجد المخلب ، و بهستيرية همس بأمنيته الثالثة و الأخيرة .
    توقف الطرق فجأة و إن ترددت أصداؤه عبر أرجاء البيت ، و سمع صوت المقعد يجر للخلف و الباب يفتح . نسمة باردة فرت عبر الباب أعلى السلم ، و دوت صرخة بائسة عالية و طويلة من زوجته أعطته الشجاعة ليلحق بها حتى البوابة ، حيث مصباح الشارع المتذبذب يسطع بهدوء على طريق هادئ و مهجور !

     
  2. Loading...