1. βĂŚҚŎŢĂ

    βĂŚҚŎŢĂ New Member

    جراح لم تندمل 2025 , قصة قصيرة 2025

    جراح لم تندمل 2025 , قصة قصيرة 2025


    مرحبا بكم اعضاء وزوار منتديات حب البنات
    جبتلكو النهارده قصة قصيرة
    معبرة عجبتنى وقولت اجيبهالكو
    يارب تعجبكو وياريت اسمع رايكو فيها

    photolovegirl.com1373132890421.jpg

    تبتسم وهي تتابع حركاتها بقلق واضح، إبتسامة مرتبكة، تشي بكثير من العصبية والقلق الصبية الواقفة جنبها تشرئب بعنقها: وتحاول أن تفهم ما يدور خلف الشباك.
    "كل شيء على ما يرام؟" سألت بتردد.
    قلبت جواز السفر ببطء، لا تتذكرها، طبعاً لا تتذكر شيئاً، إحدى وعشرون سنة مدة طويلة.
    "عفواً سيدتي، هل من خطب؟".
    سيدتي! يا للعجب، أستاذة العلوم تناديها "سيدتي"! وتتطلع إليها بخوف، وترتجف أمامها، هي والبنت التي تشبهها كثيراً. تنهدت.. لم تعد موظفة قسم الجوازات في مطار محمد الخامس، لم تعد تجلس خلف الشباك، تقلب أوراق المرأة الستينية المرتبكة أمامها، تتجاهل بجفاء أسئلتها، وتسترق النظر من بين جفونها المثقلة بالكحل للجسد الضامر الضائع في طقم من القطيفة الداكنة التي لا تناسب توقيت اليوم ولا وجهة السفر، انقلب الوضع وصارت هي من يقف وقفة العجوز المرتبكة في مؤخرة صف مكتظ بأولاد وبنات الحي الصناعي في ضاحية المدينة الجديدة، نقلت للتو من مدرستها الشعبية إلى مدرسة الفاتح طارق بن زياد، المؤسستان لا تتشابهان على الإطلاق، مدرسة الفاتح شاسعة، بل عملاقة، والمدير طاف بها بين دورين من الصفوف الممتدة على مدى البصر، قبل أن يقرر أن يتركها في عهدة أستاذة العلوم.
    لم تمنحها أكثر من نظرة جانبية جافة.
    برمت شفتيها المطليتين بحمرة خفيفة، وأشارت لآخر مقعد في أبعد صف عنها، وبرطمت كلاماً لم تفهمه، لكنها شعرت من نبرته بأنّها ليست موضع ترحيب.
    واصلت الأستاذة درسها.
    شعرت الصغيرة بعشرات الأعين تسترق النظر إليها، وتضحك عليها، استوت على المقعد جيِّداً، وحاولت أن تتابع ما تقوله الأستاذة، لم يكن ذلك صعباً. أستاذ الرياضيات الذي أقام الدنيا وأقعدها لينقلها إلى مدرسة الفاتح لم يكن مخطئاً، ذكاؤها الحاد ونجابتها المبكرة تجليا بوضوح في سرعة استيعابها للدرس الذي لم تحضر بدايته، سامحه الله، لِمَ لمْ يتركها في مدرستها كما توسلت له؟ لمَ أصر على رميها بين الغرباء؟ أما يكفيها ما لاقته منذ فتحت عينيها على الدنيا؟
    رفعت أصبعها لتجيب عن سؤال طرحته الأستاذة، لم ترها. رفعت يدها عالياً، كررت الأستاذة السؤال بصيغة أخرى، ورفع ولد يده، وأشارت له ليجيب، وأجاب إجابة خاطئة. رفعت يدها ثانية، ونظرت إليها الأستاذة دون أن تراها، وكررت صيغة السؤال ثانية.
    قامت من مقعدها بنفاد صبر، ويدها مرفوعة دائماً إلى أعلى، ونهرتها الأستاذة بغضب: "أنت هناك.. اجلسي يا بهيمة، ما هذه الحركات؟ اجلسي!".
    ضحك الصف، وجلست ووجهها يقطر حمرة. لم يرفع أحد يده، أجابت الأستاذة بنفسها عن السؤال، وانتقلت لمرحلة ثانية من الدروس. لا مكان لها في هذه المدرسة، فكرت ورأسها يغوص بين كتفيها، شعرت بالخوف، يجب أن تكلم أستاذ الرياضيات، لا تريد أن تكون موهوبة، لا تحب ذلك.
    انحنى التلاميذ على دفاترهم، وارتجفت وهي تختبئ خلف ظهورهم، ماذا تفعل؟ تكتب في كراريسها القديمة؟ تسأل الأستاذة؟ وإن نهرتها ثانية؟.
    "أنت هناك!" صاحت وكأنها قرأت أفكارها "قلت لك قومي!"...
    وقفت، وسألتها عن اسمها الكامل. أجابت، ودوّنت الأستاذة الإجابة في دفتر سميك مفتوح أمامها، وسألتها عن سنها، ردت ثانية، ودوّنت الأستاذة الإجابة، ثمّ سألتها عن اسم والدها، ومهنته، صمتت، وصاحت فيها الأستاذة: "اسم أبيك يا بهيمة؟".
    صمتت ثانية، والتفتت كل الرؤوس إليها.
    "اسم أبيك؟" صرخت فيها وقامت والعصا في يدها "اسم أبيك؟".
    فتحت فمها بذعر.. ورددت متلعثمة.. وعيناها تفيضان بالدموع: "لا أدري، لا أدري، لا أعرفه، لا أعرف أحداً، جئت من دار الأيتام، لم يخبروني شيئاً عنه، ولا عن أُمّي...".
    ضحك التلاميذ. رددوا غير مصدقين: "لا تعرف أباها، لا تعرف أُمّها"، أمرتها الأستاذة بأن تقوم، وتأتي بملفها الدراسي من مكتب المدير، خرجت ودموعها تسيل، وتمشت دون هدى والخوف يخنقها، لم تكن تعرف أين يقع مكتب المدير، ولم تجرؤ على الإعتراف بذلك للأستاذة.
    "مدام...؟".
    أستاذتها القديمة تنبهها، مازالت تقف أمام شباكها، القلق ينهشها، والبنت التي قد تكون حفيدهتها تتمسك بطقم القطيفة السخيف وتبدو مرعوبة.
    مدت الجواز للعجوز بصمت، لم ترد على إبتسامتها الممتنة، حيّث المسافر التالي، وأمسكت أوراقه.
    صرخة الأستاذة الحانقة لا تزال ترن بألم في أذنيها: "اسم أبيك يا بهيمة؟".
     
    <
  2. جاري تحميل الصفحة...