السؤال انا واخواتي لا نحكي مع بعضنا ليس لخلاف نري بعضنا فقط الجواب فضائل صلة الرحم في القرآن والسنة: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} يقول: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام وصلوها. وعن عكرمة في قوله: {الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: صلوا أرحامكم فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا، وخير لكم في آخرتكم"، وأخرج ابن جرير عن الضحاك أن ابن عباس كان يقرأ (والأرحام) يقول: "اتقوا الله لا تقطعوها". وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ . وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ . وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ . جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ . سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 19-24]. وقال سبحانه: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم: 38]. قال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} يعني من الإيمان بالنبيين وبالكتب كلها، {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} يعني يخافون من قطع ما أمر الله به أن يوصل أي كالرحم، {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} يعني شدة العذاب. وأما عن فضل صلة الرحم في السنة المطهرة فإن فضلها عظيم وثوابها كبير كما بين ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة من سنته الشريفة ومن ذلك الآتي: 1- صلة الرحم تزيد في العمر وتبارك في الرزق: أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» (متفق عليه)، ينسأ معناه: يؤخر له في أجله ويزداد له في عمره. وأخرج الإمام أحمد في مسنده والبيهقي عن عائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمرن الديار، ويزدن في الأعمار» (صححه العلامة في صحيح الجامع: 3767). وأخرج الطيالسي عن عمرو بن سهل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلة القرابة مثراة في المال، محبة في الأهل، منسأة في الأجل» (صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع: 3768). ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر وبسط الرزق الواردين في هذه الأحاديث ما يلي: 1- أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله تعالى في عمر الإنسان الواصل ويهبه قوة في الجسم ورجاحة في العقل، ومضاء في العزيمة فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال. 2- أن الزيادة على حقيقتها فالذي يصل رحمه يزيد الله له في عمره ويوسع له في رزقه. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ج16، ص88: "وأما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور، وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]. وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها أن هذه الزيادة بالبركة في عمره، وبالتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة، وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، والثاني أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك، فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]، فبالنسبة إلى علم الله تعالى وما سبق له قدره لا زيادة بل هي مستحيلة، وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث. 2- صلة الرحم دليل على الإيمان بالله واليوم الآخر: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» (متفق عليه). 3- من وصل رحمه وصله الله عز وجل: أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته، أو قال: بتته أي قطعته» (متفق عليه). 4- أفضل الصدقة الصدقة على الأرحام: أخرج ابن خزيمة والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الصدقة صدقة على ذي الرحم الكاشح» (صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع: 1110)، ومعنى الحديث: أن أفضل الصدقة على ذي الرحم الذي اضمر العداوة في كشحه؛ لأنها تكون صلة وصدقة لذي رحم مقاطع. 5- مضاعفة ثواب الصدقة على ذوي الأرحام: أخرج الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه بسند صحيح عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» (صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع: 3858). وأخرج الطيالسي عن سلمان بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صدقة ذي الرحم على ذي الرحم صدقة وصلة» (حسنه العلامة في صحيح الجامع: 3763). قال الإمام المناوي في فيض القدير ج4، ص253: وفئة التصريح بأن العمل قد يجمع ثواب عملين لتحصيل مقصودهما به، فلعامله سائر ما ورد في ثوابهما بفضل الله ومنته. 6- صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة: أخرج الإمام الترمذي في سننه وقال: حديث حسن صحيح عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، وقال صلى الله عليه وسلم: «أطب الكلام، وأفش السلام، وصل الأرحام، وصل بالليل والناس نيام، ثم ادخل الجنة بسلام» (رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1019). 7- صل رحمك وإن قطعك: أخرج الإمام أحمد في مسنده بإسناد جيد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال؟ فقال: «يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعف عمن ظلمك» (أخرجه أحمد في مسنده)، وأخرج البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (أخرجه البخاري). وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله إن لي قرابة، أصل ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل -الرماد الحار- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» (أخرجه مسلم).