1. حبايب

    حبايب New Member

    تظل الصور صورا



    تظل الصور صورا


    March 31st, 2024
    02:26

    فيما يتعلق بالروح، فهناك روح تلتصق بدهاليز روحك لا تبغي إنفكاكا ولا تقبل الفصل وعسير عليها التنفس في حال إفتقاد توأمها. فإن مسألة البحث عن من يعوضها سيكون أمرا عسير المنال، فمهما تعددت الصور ، وتنوعت المزايا لها، سيظل الأصل أصلا يضرب خواء فقده بأحشاء روحك .يوجعها .يؤرقها .يجعلها تتنفس قُبح الأشياء .وتظل الصور صورا تحاول جاهدا مطابقتها للأصل ولكن هيهات!.

    هل من نعمة اشد من نعمة اكتشاف بقية روحك.تلمس بعض من ذاتك لدى آخر..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    2-العابرون لا ضحايا لهم. هل لذلك بات علينا، كي نمجّد الحياة، أن نمجّد عبورها بسرعة، أن نمجّد الانتحار؟

    بخفَّةِ خفقة الطير وانفتاح النسمة للجناح. بخفة انفتاح هواء العبور واندمال هواء الانطلاق.

    عابرون سريعًا، كلحظة انقصاف.

    لهم من العصفور صوت، من الغصن نظرة، من الزهرة شميمٌ خاطف.

    عصافيرهم للغناء والرحيل، لا للسجن في أقفاص أو تأبيدها محنَّطةً في واجهات. طيورهم الروح المسافرة، لا الريش المقيم.

    وزهورهم العبق الشارد خارج الإناء.

    سوى المرتحلين، واللامبالين، والعابثين بالإقامة، والممسوسين، والموتى، مَن كان سيكتشف جمال العبور؟

    وأيّةُ لحظة تكتشف الحياةَ أكثر من لحظة الغياب عنها؟

    هل لذلك تجب مصادقةُ الرحيل أكثر من مصادقة الإقامة؟

    وهل، لذلك، على حياتنا أن تكون، فقط، تمرينًا على جمال الرحيل؟

    أجملنا الراحلون. أجملنا المنتحرون. الذين لم يريدوا شيئًا ولم يستأثر بهم شيء. الذين خطوا خطوةً واحدة في النهر كانت كافية لاكتشاف المياه.

    أجملنا الذين ليسوا بيننا. الذين غادرونا خفيفين، تاركين، بتواضع، مقاعدهم لناس قد يأتون الآن، إلى هذه الحفلة.

    حفلةٌ سخيفة، ورغم ذلك لا يترك المتشبثون بالإقامة مقعدًا!

    لكن لِمَ المقاعد، ما دام المحتفلون يبدأون ضيوفًا وينتهون أعداء؟

    لنمضِ إذن، بخفَّة، قبل أن تلتهمنا الخناجر، قبل أن نصير طبَقَ الوليمة.

    لحظةُ الوصول إلى الاحتفال هي كلُّ جمال الاحتفال. وبعدها، سريعًا، يصير الجمالُ هو المغادَرة.


    الخطوة المغادِرة، هي الأجمل دائمًا.

    الراحلون يمتزجون بالنسيم. وإذ نقف نحن، لتشييعهم، فلنشيّعْ معهم ذكراهم أيضًا. لأن الذكرى تعيق رحيلهم، تعيدهم إلى مكانهم، تجعلهم جمادًا.

    الذاكرة تعيق الراغبين في الموت. وتجعل الراغبين في الحياة موتى.

    فلندفنها إذن.

    لندفن الذاكرة ونحن نغنّي.

    إنها حفلة سخيفة في إية حال، ولكن بما أننا وصلنا، فلنبتسم ونضحك.

    ثوانٍ، قد نكون فيها جميلين.

    لكن أجملنا سيبقى: الغائب
     
  2. جاري تحميل الصفحة...