1. اهلاً من جديد مع طاله جديده في عالم منتدانا رساله حب

    القسم الاسلامي


    شرح حديث ((من كانت هجرته الي دنيا ))

    عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله
    عليه وسلم- يقول:
    إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .


    ........................................

    تخريج الحديث .. .

    رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب المصنفة.

    ........................................

    رواي الحديث .. .

    الفاروق أبو حفص ، عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزَّى القرشي العدوي ، ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة
    هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم ، وضع الله الحق على لسانه اذ كان القرآن ينزل موافقا لرأيه .. .

    ........................................

    أهمية هذا الحديث .. .


    وهذا الحديث حديث عظيم حتى قال طائفة من السلف،
    ينبغي أن يكون هذا الحديث في أول كل كتاب من كتب العلم؛ ولهذا بدأ به البخاري -رحمه الله- صحيحه،

    وهذا الحديث أصل من أصول الدين، وقد قال الإمام أحمد: ثلاثة أحاديث يدور عليها الإسلام:

    حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات .

    وحديث عائشة: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

    وحديث النعمان بن بشير: الحلال بين والحرام بين .




    شرح الحديث .. .

    الراجح أن قوله -عليه الصلاة والسلام- إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما الأعمال صحة وقبولًا أو فسادًا بسبب النيات، وإنما لامرئ من عمله ثوابًا وأجرًا ما نواه.

    إذا تقرر هذا فالأعمال ما هي؟

    الأعمال جمع عمل، والمقصود به هنا ما يصدر عن المكلف، ويدخل فيه الأقوال القول والعمل والاعتقاد قسيم القول والاعتقاد، وإنما الأعمال هنا كل ما يصدر عن المكلف من أقوال وأعمال، قول القلب، وعمل القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح.

    فيدخل في قوله: إنما الأعمال بالنيات كل ما يتعلق بالإيمان؛ لأن الإيمان قول وعمل، قول اللسان، وقول القلب وعمل القلب وعمل الجوارح، فقوله: إنما الأعمال بالنيات يدخل فيها جميع أنواع ما يصدر من المكلف.

    النية قصد القلب وإرادته علقناها بالقلب، فالنية إذًا ليس محلها اللسان ولا الجوارح، وإنما محلها القلب نوى يعني: قصد بقلبه وأراد بقلبه هذا الشيء.

    فالأعمال مشروطة بإرادة القلب وقصده، فأي إرادة وقصد هذه المقصود بها إرادة وجه الله -جل وعلا- بذلك؛ ولهذا في القرآن يأتي معنى النية بلفظ الإرادة والابتغاء وأشباه ذلك، كما في قوله يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ )
    وكما في قوله: ( يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )

    فالنية قسمان:

    1 - نية متعلقة بالعبادة

    2 - ونية متعلقة بالمعبود

    القسم الأول المتعلقة بالعبادة
    وهي تمييز العبادات بعضها عن بعض.

    تمييز الصلاة عن الصيام، تمييز الصلاة المفروضة عن النفل، يعني: أن يميز القلب فيما يأتي ما بين عبادة وعبادة، أتى المسجد وأراد أن يركع ركعتين، ميز قلبه هاتين الركعتين هل هي ركعتا تحية المسجد، أو هي ركعتا راتبة؟

    القسم الثانى: النية المتوجهة للمعبود،

    وهذه هي التي يتحدث عنها باسم الإخلاص: إخلاص القلب، إخلاص النية، إخلاص العمل لله -جل وعلا- وهي التي تستعمل كثيرًا بلفظ النية والإخلاص والقصد.

    فإذًا هذا الحديث شمل نوعي النية: النية التي توجهت للمعبود
    والنية التي توجهت للعبادة

    فـ إنما الأعمال بالنيات يعني:
    إنما العبادات تقع صحيحة، أو مقبولة بسبب النية، يعني: النية التي تميز العبادة بعضها عن بعض أولا.



    قال -عليه الصلاة والسلام-: وإنما لكل امرئ ما نوى يعني:
    هذا حصر أيضًا، وإنما لكل امرئ من عمله ثوابًا وأجرًا لما نواه بعمله، فإن كان نوى بعمله الله والدار الآخرة، يعني: أخلص لله -جل وعلا- مريدا وجه الله -جل وعلا- فعمله صالح، وإن كان عمله للدنيا فعمله فاسد؛ لأنه للدنيا.

    وهذا كما جاء في آيات كثيرة إخلاص الدين لله -جل علا-: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) يعني: الدين يقع على نية الإخلاص، كما في قوله -جل وعلا-: أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ .



    وقد جاء في أحاديث كثيرة بيان إخلاص العمل لله -جل وعلا- كقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) .


    وهذا يدل على أن


    العمل لا بد أن يكون خالصًا لله -جل وعلا- حتى يكون مقبولًا، ويؤجر عليه العبد، إذا وصلنا إلى هذا فمعناه أن من عمل عملًا، ودخل في ذلك العمل نية غير الله -جل وعلا- بذلك العمل

    فإن العمل باطل لقوله: ( من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) .

    فمن كانت نيته خالصة لله -جل وعلا- فأجره أعظم

    لهذا لما سئل عدد من الأئمة من السلف والإمام أحمد وجماعة عمن جاهد للمغنم ونيته خالصة لله؟
    قال: أجره على قدر نيته، لم يبطل عمله أصلًا، لم يبطل السلف العمل أصلًا، وإنما جعلوا التفاوت بقدر النيات.


    فكلما عظمت النية لله في الأعمال التي فيها ذكر الدنيا، وذكر الشارع عليه ثواب الدنيا فإنه كلما عظمت النية الخالصة كلماعظم أجره، وكلما نوى الدنيا مع صحة أصل نيته قل أجره يعني: عن غيره.



    ....................................



    قال -عليه الصلاة والسلام-:
    فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله قال: فمن كانت هجرته الفاء هذه تفصيلية، تفصيل لمثال من الأعمال التي تكون لله وتكون لغير الله، ذكر مثالا للهجرة قال: من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه .


    الهجرة معناها: الترك، هجر يعني: ترك،

    وأصل الهجرة هجرة إلى الله -جل وعلا- وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- هجرة إلى الله -جل وعلا- بالإخلاص، وابتغاء ما عنده، والهجرة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- باتباعه -عليه الصلاة والسلام- والرغبة فيما جاء به -عليه الصلاة والسلام-.

    فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله هذا تعظيم، ورفع لهذا العمل،

    وهو أن تكون الهجرة إلى الله ورسوله، يعني: نية وقصدًا وتعظيما للثواب والأجر بقوله: فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا، يعني: حدث عن ثوابه وعظم ذلك.

    ثم بين الصنف الثاني فقال: ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها لدنيا يصيبها هذا حال التاجر الذي هاجر لكي يكسب مالًا، أو هاجر ليكسب زوجة أو امرأة، فهذا هجرته إلى ما هاجر إليه.

    وقوله -عليه الصلاة والسلام-: فمن كانت هجرته لدنيا هذه النية يعني: هاجر العمل الظاهر يشارك فيه، من هاجر إلى الله ورسوله؛ لكن نيته أنه في هجرته يريد التجارة، أو يريد أن يتزوج امرأة فنيته فاسدة، قال: فهجرته إلى ما هاجر إليه يعني: من حيث أنه لا ثواب له فيها ولا أجر، وقد يكون عليه فيها وزر.
     
  2. جاري تحميل الصفحة...